الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (2)

تعريف الفساد وبعض أنواعه (أ)

الفساد (2)
علاء بكر
الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٩ - ١٦:٥٨ م
978

الفساد (2)

تعريف الفساد وبعض أنواعه (أ)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الفساد لغة: مِن (ف س د)، ويدل على الخروج والمفسدة خلاف المصلحة. فيُقال: فسد اللحم أو اللبن ونحوهما، إذا أنتن أو عطب. ويُقال: فسد العقد، أي: بطل. ويُقال: فسدت الأمور، أي: اضطربت وأدركها الخلل. ويُقال: فسد الرجل أي جاوز الحكمة والصواب.

قال الراغب في (المفردات في غريب القرآن) في مادة (فسد): "خروج الشيء عن الاعتدال -قليلًا كان الخروج أو كثيرًا- ويضاده الصلاح"، ويُستعمل في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة. أفسد الشيء: جعله فاسدًا. فالفساد: التلف والعطب والخلل، والمفسدة: الضرر. وهذا الأمر مفسدة لكذا: فيه فساده.

والجمع: مفاسد. (انظر: المعجم الوجيز).

أما الفساد اصطلاحًا: فمدار الحديث فيه على الفساد الذي ينجم عن الإنسان، وقد اختلف في تعريفه لتعدد أنواعه، ولكل نوعٍ تعريفه بحسب الجانب الذي يمارس فيه في حياتنا، ولكن مدار التعريفات في مجموعها يدور على (سلوك إنساني منحرف يقوم على تغليب المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة)، فهو مجاوزة للحدِّ بأخذ حقوق الآخرين ظلمًا ومنع ما يستحقونه، والخروج هنا: هو الخروج عن مصالح الآخرين.

قال الزمخشري في الكشاف في تعريفه للفساد: "هو خروج عن حال استقامته وكونه منتفعًا به، ونقيضه الصلاح، وهو الحصول على الحالة المستقيمة النافعة"، وخلاصة ما يمكن أن يُقال في منشأ الفساد إنه حيث تدخل حظوظ النفس وحيث يتم تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة يكون الفساد، ويأتي الفساد على أشكال عدة ويتراوح ما بين الأمور التافهة إلى الأعمال الكبيرة جدًّا.

أنواع الفساد:

بحسب الميادين التي يدخل فيها الفساد يمكن تقسيم الفساد إلى:

1- الفساد السياسي.

2- الفساد الإداري.

3- الفساد القضائي.

4- الفساد الاقتصادي.

5- الفساد الاجتماعي والأخلاقي.

6- الفساد الثقافي والفكري.

7- الفساد البيئي.

أولًا: الفساد السياسي:  

أوسع ميادين الفساد، ومنه تستمد بقية أنواع الفساد وجودها؛ إذ إن هذا الفساد يتعلق بمَن بيده صنع القرارات التي تتحكم في مصائر الناس. والفساد السياسي صورة مِن صور (استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة)، ويمكن تعريف هذا النوع مِن الفساد بأنه: "تغليب صاحب القرار مصلحته على مصالح الآخرين"، فوجود هذا النوع مِن الفساد يعني تقديم مَن في السلطة ومَن بيده صنع القرار مصالحه الخاصة أو تعزيز تواجده في السلطة على المصالح العامة، وهو صورة مِن صور الاستبداد، ومظهر مِن مظاهر الطغيان.

وقد يكون صاحب القرار والسلطة حاكم لدولة أو رئيس وزارة أو وزير في وزارة أو رئيس حزب مِن الأحزاب السياسية، أو نائب برلمان يستغل مقعده لمصالحه الشخصية، أو رجل أعمال يدخل البرلمان بنية الجمع بيْن المال والسلطة والنفوذ لتقوية مصالحه وأعماله، أو أي مسؤول مِن المسؤولين العموميين في جهة أو هيئة، أو رئيس لجمعية أو جماعة.

ومِن الوسائل التي تُستخدم لتحقيق ذلك:

- تبديد أموال الدولة -أو الأموال العامة- في مصالح ومنافع تعود على مَن بيدهم صنع القرار وتعزيز تواجدهم، واستمرارهم في السلطة.

- الإغراء ببذل المناصب وتقريب مَن يدين لهم بالولاء ومَن على شاكلتهم، ممَن يرضى بأفعالهم ويزينها لهم، ويصب في مصلحتهم.

- إهمال رأي الشعوب -أو الأتباع- استخفافًا بهم؛ فالاستبداد يجعل صاحبه لا يَرى إلا رأيه الذي هو عليه، ولا يرى الصواب إلا فيما اختاره لأتباعه، ولا يتحمل مَن يخالفه في الرأي.  

السيطرة على وسائل الإعلام المتاحة في دعم حكمه وتثبيت سلطته وتغطية فساده، فالإعلام يبرر قراراته ويتولى إقناع الناس بقراراته، فالإعلام أهم وسائل التلاعب بالرأي العام، بإعادة صياغته وتشكيله، وبقلب الحقائق والموازين والتعتيم على جرائم الفساد والتغاضي عنها، بل وتحسين الصورة الظاهرة للسياسيين المفسدين ووضع التبريرات لقراراتهم وأفعالهم ومواقفهم مهما كانت؛ إذ إن صاحب الفساد السياسي مهما بلغ طغيانه واستبداده وفساده حريص على إقناع الرأي العام وتضليله بما يتفق مع تحقيق مصالحه، والإعلام الموالي له على الفساد هو أقوى وسائله لتحقيق ذلك.

صورة مشهورة للفساد السياسي وردت في القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم الحديث عن الفساد السياسي والربط بينه وبين الطغيان والاستبداد في صورةٍ مِن أوضح الصور في التاريخ البشري متمثلة في صورة فرعون حاكم مصر، والذي تكرر ذكره والكلام عليه في عشرات المواضع مِن القرآن الكريم؛ لذا دأب علماء الأمة ومصلحوها على الربط بيْن ما يرونه في المجتمع مِن صور الفساد السياسي وبين قصص القرآن الكريم عن فرعون وفساده، لكونه مثالًا صارخًا وفجًّا في الفساد والطغيان، لكن ينبغي التنبُّه وعدم الخلط بيْن فساد الواقع وفساد فرعون، بتشبيه أي مفسد في الأمة بفرعون، أو وصفه بأنه فرعون هذه الأمة وإطلاق هذا اللقب عليه، إلا مَن ورد وصفه بذلك في الشرع، وهو أبو جهل عمرو بن هشام، الذي وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه فرعون هذه الأمة، ففرعون مع كون كفره كفرًا أكبر فقد كان في مواجهة رسول مِن أولي العزم من الرسل، وهو موسى -عليه السلام-، الذي أراه مِن المعجزات والآيات ما لم يره مثله، فلم يزده ذلك إلا طغيانًا على طغيان، وجحودًا على جحود، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) (النمل:14)، فجاءت نهايته عبرة لكل مَن يعتبر.

ومِن مظاهر فساد فرعون في هذا الشأن:

تبديده أموال الدولة في تحديه لموسى -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ . أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ) (غافر:36-37)، وهل يغني ذلك في مواجهة الآيات المعجزات التي واجه موسى -عليه السلام- بها فرعون.

وكذلك جمع فرعون للسحرة مِن كل مكانٍ لمواجهة موسى وإغرائهم بالمال وبالقرب منه حال الانتصار على موسى، وهو يعلم في قرارة نفسه صدق موسى -عليه السلام-، فقال للسحرة الذين جمعهم وأكرههم على مواجهة موسى لما سألوه الأجر حال تحقيق الغلبة: (وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ . قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (الأعراف:113-114)، و(الشعراء:42).

وفي الاستبداد بالرأي وإكراه الناس عليه قال -تعالى-: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر:29)، وقال فرعون: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الزخرف:51)، وفي المقابل: يطيع الأتباع هذا المستبد في الباطل، وقد رأوا الآيات المبهرات الدالة على صدق موسى -عليه السلام- وفشل فرعون في مواجهة آياته، (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف:54).

وفي التنكيل بمَن يخشى على ملكه منهم أو معارضتهم له، قال فرعون: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127)، وفي استمالة الأتباع وتضليل الرأي العام قال فرعون: (ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدلكم دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (غافر:26)، ويقول عن موسى -عليه السلام-: (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) (الأعراف:110)، وكأن فرعون هو المصلح وموسى -عليه السلام- هو المفسد! وها هم أتباع فرعون يزينون له باطله ويوافقونه عليه، ويحرضونه على موسى -عليه السلام- ومَن معه: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127).

وترجع أسباب تفشي الفساد السياسي إجمالًا إلى:  

1- افتقاد القيادة النظيفة، أو افتقاد الإرادة السياسية الجادة في محاربة الفساد، وغياب الشفافية والنزاهة.

2- غياب الرقابة الفعالة والمتابعة، والمساءلة والحساب، والجزاء المناسب.

3- التوسع في الصلاحيات للسياسيين وللمسئولين، خاصة التي تتعدى الجوانب السياسية إلى جوانب أخرى.

4- ضعف تأثير الرأي العام أو تجاهل القيادة والحكومة له.

5- تنصل وتقاعس المسؤولين عن القيام بالواجبات والمهام الرسمية الموكلة إليها.

6- الإسراف في الإنفاق الحكومي، وتبديد الأموال العامة فيما لا يعود على المجتمع ككل بالنفع.

ثانيًا: الفساد الإداري:

يُقصد بالفساد الإداري وجود خلل وانحراف متعمد في الأداء الإداري نتيجة سوء استغلال للسلطة العامة الممنوحة للموظف أو الإداري لتحقيق مكاسب خاصة، وفيه يقوم الموظف العمومي باستغلال سلطته في مخالفة القانون أو التغاضي عنه تحقيقًا لمنفعة، فهو: "سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة"؛ يشجعه على ذلك ضعف الرقابة الداخلية، وانعدام الرقابة مِن المجتمع، وانتشار الرشوة، وتزايد الفساد وعدم الجدية في مكافحته، ولا يكاد يخلو مجتمع مِن المجتمعات "قديمها وحديثها من مظاهر الفساد الإداري"؛ إذ هو انفصام بيْن النظرية والتطبيق، وبين الواجب المطلوب والأداء الفعلي، يظهر في صورة الإخلال بالواجب الملقى على عاتق الموظف أو الإداري وإضاعة الأمانة التي أوكل بها إليه بموجب السلطة الرسمية التي وضعت بين يديه.

ويُلاحَظ:

أن هذا النوع مِن الفساد هو الشائع في الحديث عن الفساد عند الكثيرين، لكنه ليس النوع الوحيد مِن الفساد -كما ذكرنا-.

إن قصر التعريف على الموظف أو الإداري هو قصر للفساد عليهما وحدهما دون مَن أغراهما بالفساد أو ضغط عليهما للقيام به، رغم كونه شريكهما ومشتركًا معهما في الفساد الذي فعلاه، وبالتالي قصر مكافحة الفساد على الموظف العام فقط؛ لذا ينبغي تعديل التعريف ليشمل مَن أغراه بذلك أو ضغط عليه واستفاد مِن وقوع هذا الفساد، فهو مشارك أساسي في الجريمة، ومستحق للعقوبة مع ثبوت التعمد لذلك والسعي إليه.

إن الفساد الإداري انحراف متعمد في تنفيذ العمل الإداري المناط بالشخص، أما الانحراف الإداري الذي يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيئ وتعمد، ودون التطلع إلى منفعةٍ مادية أو معنوية، كأن يكون بسبب الإهمال أو التراخي أو اللامبالاة؛ فهو انحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد الإداري، لكنه انحراف يعاقب القانون عليه أيضًا، والتغاضي عنه إذا لم يُعالَج قد يتحول إلى وسيلةٍ إلى الفساد الإداري.

أنواع الفساد الإداري:

مداره على انتظار منفعة شخصية لإنجاز العمل المطلوب منه، أو إيثار الراحة والكسل على تنفيذ العمل؛ مما يترتب عليه تعطيل العمل المطلوب، أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة للمواطنين.

وأنواعه وصوره كثيرة، منها:

1- فساد يتعلق بمخالفة نظام العمل وأداء مهامه:

وهو فساد نتيجة مخالفات تصدر عن الموظف العمومي في أثناء يوم عمله، وتتعلق بصفة أساسية بنظام العمل، ومنها:

أ- فساد يتعلق بوقت العمل:

ومِن صوره:

التأخر في الحضور إلى العمل صباحًا، والتبكير في الانصراف منه قبْل وقت الانصراف، وقضاء وقت العمل في قراءة الجرائد، وحل مسابقات الكلمات المتقاطعة، واستقبال الزيارات والمكالمات الشخصية، والراحة وتناول الطعام والشراب في غير الأوقات المخصصة له، وغير ذلك مِن صور عدم احترام وقت العمل، وتقديم كل الجهد المطلوب في أدائه والانتهاء منه في وقته المحدد له.

ب- فساد يتعلق بعدم أداء العمل المطلوب:

ومِن صوره:

- رفض العمل المكلف به، أو تعطيله، أو تأخيره، أو التراخي فيه، أو التكاسل عنه، أو تنفيذ الحد الأدنى منه.

- والحرص على الحصول على أكبر أجر ممكن أو منفعة أو حوافز غير مستحقة مقابل أقل جهد مبذول.

ج- تعمد عدم الالتزام بالتعليمات والأوامر:

ومِن صوره:

- عدم طاعة الرئيس المباشر، والبحث عن أعذار لعدم التنفيذ.

- والعدوانية وإساءة الأدب في التعامل مع الرئيس.

د- السلبية في العمل:

ومِن صورها:

اللامبالاة والانعزالية، وفقدان الرغبة في التعاون مع الآخرين والاتصال بهم، أو انعدام المشاركة في العمل الجماعي، وعدم الميل إلى التجديد والابتكار، والعزوف عن المساهمة في اتخاذ القرارات التي تحتاج لمشاركته وخبراته.

هـ- عدم تحمل المسؤوليات المنوطة بالعمل:

 ومن صوره:

التهرب مِن الإمضاءات والتوقيعات المطلوبة منه خوفًا مِن تحمل المسؤولية، وتحويل الأوراق بلا مبرر مقبول لمستوى إداري آخر، بما يعرقل العمل أو يتسبب في تأخيره، وإفشاء أسرار العمل.

2- فساد يتعلق بالانحرافات السلوكية:

وهي مخالفات يرتكبها الموظف تتعلق بسلوكه وتصرفاته الشخصية، ومنها:

أ- مخالفات تتعلق بمس كرامة الوظيفة الحكومية:

 ومِن صورها: ارتكاب أعمال مخلة بالآداب أو بالحياء، أو تناول المخدرات، أو التورط في جرائم أخلاقية.

ب- مخالفات تتعلق بسوء استعمال السلطة:

ومِن صورها: تجاوز اعتبارات العدالة في منح خدمات شخصية أو منح أقارب أو معارف خدمات وتسهيل أمور يطلبونها.

ج- الأخذ بالمحسوبية والوساطة في شغل الوظائف العامة:

ويترتب على انتشار ذلك شغل الوظائف العامة بغير مؤهلين؛ مما يؤدي إلى انخفاض كفاءة الإدارة، وتقديم الخدمات وزيادة الإنتاج.

د- الانحرافات المالية:

وتتمثل في مخالفة القواعد والأحكام واللوائح المالية المنصوص عليها داخل نظام العمل لتحقيق منفعة مادية شخصية أو تبادل منافع ومصالح مع آخرين، أو في مقابلة فرض إتاوة على بعض المواطنين. ومنها: استخدام بعض القوة البشرية الحكومية مِن العمال أو الموظفين في غير الأعمال الرسمية المخصصة لهم.

ومنها: الإسراف وعدم الاقتصاد في استخدام المال العام، والمبالغة في استخدام المقتنيات العامة في الأمور الشخصية، وتبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث، والبذخ في الإنفاق على الدعاية والإعلان والنشر في وسائل الإعلام المختلفة مِن صحفٍ ومجلات، وإذاعة وتليفزيون في مناسبات التهاني والتأييد والتوديع والتعازي، وإقامة الحفلات المختلفة.

هـ- الانحرافات الجنائية:

ومِن أكثر صورها: الرشاوى واختلاس المال العام، والتزوير في الأوراق الحكومية، والسجلات والمستندات والشهادات.

وترجع أسباب الفساد الإداري إلى:

1- أسباب تربوية: عدم الاهتمام بالتربية الدينية وغرس القيم والأخلاق مِن الصغر؛ مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة، وعدم تحمل المسؤولية، وعدم احترام القانون.

2- أسباب اقتصادية: مِن ضعف رواتب الموظفين وعدم قدرتهم على مواجهة متطلبات الحياة والمعيشة خاصة في الدول النامية والفقيرة؛ مما يدفع الموظف إلى قبول الهدايا (الرشاوى) ونحوها لسد النقص الناتج عن ضعف المرتب تحت إغراء المال الحرام.

3- أسباب سياسية: بسبب عدم الاستقرار السياسي خاصة في الدول النامية التي تتقلب بيْن فترات مِن الحكم الديكتاتوري وصور مِن النظم شبه الديمقراطية القائمة على تقليد الغرب، وتكون عادة غير مكتملة الأركان والجوانب.

4- أسباب قانونية: نتيجة سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل في الدولة، فمنها ما يكون غامضًا، ومنها ما يتضارب بعضه مع بعض، ومنه ما ينقصه مناسبة الواقع، مما يعطي الفرصة للموظف أو يؤدي بالفعل إلى تفسير خاطئ للقوانين أو الخطأ في تنفيذها، أو التهرب مِن تنفيذها، بما لا يحقق -أو يؤثر على- مصالح المواطنين.

الآثار المترتبة على الفساد الإداري كثيرة، ومنها:

1- إهدار موارد وإيرادات الدولة:

 حيث تخسر الدولة مبالغ كبيرة مِن إيراداتها ومواردها نتيجة انتشار الفساد، حيث يتجاهل الفاسد (كالمرتشي مثلًا) حقوق الدولة أو جزءًا منها في الأنشطة الاقتصادية أو الإيرادات أو يهدر الكثير مِن الموارد، أو يعطي حقوقًا لفئاتٍ لا تستحقها، ويحرم المستحقين لها منها، وهي أمور تؤدي إلى خللٍ في اقتصاد الدولة نتيجة إهدار إيراداتها واستنزاف مواردها، وقد قدَّر البعض فاتورة الفساد في مصر فقط ما بين 170 إلى 200 مليار جنيه سنويًّا.

2- الآثار السلبية على النمو الاقتصادي:

فقد أكدت الدراسات النظرية والتطبيقية أن الفساد الإداري يتسبب في خفض معدلات الاستثمار، وخفض حجم الطلب الكلي؛ مما يؤدي إلى خفض معدل النمو الاقتصادي، ومما ينبغي التنبه له أن تكلفة الفساد توضع مِن ضمن بنود دراسة الجدوى -ولو بصورةٍ غير مباشرة-؛ إذ لا يستطيع دارس الجدوى التغاضي عن آثار الفساد المنتشر في الدولة عليه.

3- توسيع الفجوة بيْن الأغنياء والفقراء:

حيث يتمكن الأغنياء مِن زيادة ثرواتهم بطرق ملتوية وغير مشروعة، ويتمكنون مِن التهرب مِن حقوق الدولة عليهم، كنتيجة لانتشار الفساد وشيوعه، وقدرتهم إلى الاستفادة منه؛ مما يزيد مِن ثرواتهم وبالتالي يزيد مِن هوة الفجوة بيْن الطبقة الغنية والطبقات الفقيرة، كما يزيد الفساد مِن كلفة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين في الخدمات الأساسية ويقلل من حجمها وجودتها، وينعكس ذلك بدوره على الفئات الأكثر حاجة لهذه الخدمات، ولا تقدر على تحصيلها والتمتع بها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة