الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

العلمانية ونقطة البداية

فلابد مِن بقاء طائفةٍ من الدعاة تأمر بالمعروف بدليله وتنهى عن المنكر حتى يأتي أمر الل

العلمانية ونقطة البداية
محمد القاضي
الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩ - ٠٠:٥٦ ص
741

العلمانية ونقطة البداية

كتبه/ محمد القاضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فكلما تأملتُ في أحوالنا وأحوال العالم مِن حولنا؛ رأيتُ الغربَ المنتصر عسكريًّا واقتصاديًّا يحاول أن يفرض طريقته ومنهجه في الحياة على الأمم المغلوبة والتي مِن جملتها: "أمتنا الإسلامية".

ويستعملون في ذلك أساليب متنوعة لفرض الثقافة سواء كانت مِن النوع الناعم الهادي: كاستقدام الشباب العربي المسلم المتفوق مثلًا ليتشبع بالروح والمبادئ الغربية إلى الأساليب الغليظة مِن تهديد الأنظمة إن أظهرت أدنى مقاومة بكل التهديدات السياسية والاقتصادية أو حتى العسكرية، ولا أخفى إعجابي في الحقيقة بالمثابرة والتؤدة والصبر التي يتمتع به الغرب في هذه الأزمان في فرض هذه التكتيكات على الأمم والشعوب والمرونة التكتيكة التي يستعملها في تمرير هذا المكر الخبيث في بلاد المسلمين.

إنه يثابر في فرض الباطل ألذى يعتقده كما قال عباد الاوثان يومًا: (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) (ص:6)، وكما استعاذ يومًا عمر مِن جَلَدِ الكافر والمنافق وعجز الثقة، ولنا في محاولات العلمنة للدول الإسلامية وفرض سياسيات التغريب أكبر مثال؛ فهم لا يملون ولا يكلون مِن التخطيط لفرض هذا الفصل بين الدين والحياة كمبدأ للحياة عندهم على حياة غيرهم سياسيًّا.

والديمقراطية في أدبياتها عند الغرب: أن الشعب هو الذي يحكم نفسه عن طريق رأي الأغلبية بغض النظر عن إمكانية تطويع ذلك للواقع الذي تتواجد فيه، كما حصل في واقعنا، بل إن هذه القابلية نوع مِن الانتشار للمبادئ الديمقراطية في حدِّ ذاته.

وفي الناحية الثقافية: فرض مبادئ الليبرالية على الحياة الثقافية، ليصبح دين الحريات هو دين كل إنسان يقدم على كل شيء حتى النصوص المحكمة مِن الكتاب والسُّنة كما رأينا في قضية زواج المثليين، وزواج المرأة المسلمة من الرجل النصراني، والمساواة المطلقة بين المرأة والرجل في الميراث، واتهام الحدود الإسلامية من قطع يد السارق وغيره، بالوحشية والمنافاة لحقوق الإنسان! كل هذا في ظل قائمة طويلة مِن الأمور المنافية لأصول الدين الإسلامي، والتي تكرس معنى فصل الدين عن الحياة؛ حرص الغرب على فرضها.

كما رأينا في الآونة الأخيرة: الصراع الطويل حول كلمة مدنية التي تم تفسيرها مِن قِبَل العلمانيين وبعض الساسة العرب بأنها تعني علمانية الدولة، ومحاولة فرض ذلك في الدستور المصري كأحد أهم الدساتير في العالم العربي والإسلامي؛ ليكون ذلك مفتاحًا لباقي الدول لما تمثِّله مصر مِن ثقلٍ سياسي في المنطقة، ولكن وفق الله رجالات حزب النور للتصدي لهذه المحاولة وإفشالها -والحمد لله-، ولكن الذي لابد أن نعلمه جيدًا أن هذه المحاولات لن تنتهي، وسيظلون يحاولون المحاولة تلو الأخرى لفرض منهجهم وآرائهم علينا بكل وسيلة ممكنة لهم، خاصة في حالة الضعف الشديد التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذه الأوقات.

ولذا يكمن التصدي لهذه المحاولات: في إيقاظ روح الانتماء للإسلام لدى الأمة، وتعززها بالشرع الحنيف، ونشر العقيدة الصحيحة في كل مكان حتى يتسنى للأمة أن تقاوم هذه الأمواج المتلاطمة مِن محاولات مسخ الهوية الإسلامية لمجتمعات المسلمين.

ونشر العلم بالشريعة والأحكام الشرعية بين المسلمين يكون مناعة ضد محاولات الغرب التدسس مِن خلال أفراد هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، منتمين للثقافة الغربية وعندهم ولاء وانتماء للغرب، ورغبة في علمنة الدولة والمجتمع أكبر مِن الغرب نفسه! وهم يصرون على أنهم المفكرون والمثقفون، والصفوة والنخبة، إلخ.

فلابد مِن بقاء طائفةٍ من الدعاة تأمر بالمعروف بدليله وتنهى عن المنكر حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ونرجو ونسأل المولى أن نكون منهم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة