الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فضل العلم على المال

حب العلم وطلبه أصل كل طاعة، وحب الدنيا والمال وطلبه أصل كل سيئة

فضل العلم على المال
أحمد فريد
الأحد ١٠ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٨:٠٠ م
717

فضل العلم على المال

كتبه/ أحمد فريد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- العلم ميراث الأنبياء، والمال والأغنياء.

2- العلم يحرس صاحبه، وصاحب المال يحرس ماله.

3 - العلم يزكو على النفقة، والمال تنقصه النفقات.

4- صاحب المال إذا مات فارقه ماله، والعلم يدخل معه قبره.

5- العلم حاكم على المال، والمال لا يحكم على العلم.

6- المال يحصل للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، والعلم النافع لا يحصل إلا للمؤمن.

7- العلم يحتاج إليه الملوك فمَن دونهم، وصاحب المال إنما يحتاج إليه أهل العدم والفاقة.

8- النفس تزكو وتشرف بجمع العلم وتحصيله، والمال لا يزكيها، فحرصها على العلم عين كمالها، وحرصها على المال عين نقصها.

9- المال يدعوها إلى الطغيان، والفخر، والخيلاء، والعلم يدعوها إلى التواضع والقيام بالعبودية.

10- العلم جاذب موصل لها إلى سعادتها التي خُلقت لها، والمال باب بينها وبينها.

11- غنى العلم أجل من غنى المال، فإن غنى المال بأمر خارجي عن حقيقة الإنسان.

غـنيت بـلا مـال عن الناس كـلهـم                  وإن الغنى العالي عن الشيء لا به

12- المال يستعبد محبه وصاحبه، فيجعله عبدًا له، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ) (رواه البخاري)، والعلم يستعبده لربه وخالقه؛ فهو لا يدعوه إلا إلى عبودية الله وحده.

13- حب العلم وطلبه أصل كل طاعة، وحب الدنيا والمال وطلبه أصل كل سيئة.

14- قيمة الغني ماله، وقيمة العالِم علمه؛ فهذا متقوم بماله، فإذا عدم ماله عدمت قيمته وبقي بلا قيمة، والعالم لا تزول قيمته، بل هي في تضاعف وزيادة دائمًا.

15- جوهر المال من جنس جوهر البدن، وجوهر العلم من جنس جوهر الروح، كما قال يونس بن حبيب: "علمك من روحك، ومالك من بدنك"، والفرق بين الأمرين كالفرق بين الروح والبدن.

16- العالم لو عرض عليه بحظه من العلم الدنيا بما فيها لم يرضها عوضًا من علمه، والغني العاقل إذا رأى شرف العلم وفضله وابتهاجه بالعلم وكماله به، يود لو أن له علمه بغناه أجمع.

17- ما أطاع الله أحد قط إلا بالعلم، وعامة مَن يعصيه إنما يعصيه بالمال.

18- أن العالم يدعو الناس إلى الله بعلمه وحاله، وجامع المال يدعوهم إلى الدنيا بحاله وماله.

19- اللذة الحاصلة من غنى؛ إما لذة وهمية، وإما لذة بهيمية، فإن صاحبه إذا التذَّ بنفس جمعه وتحصيله فتلك لذة وهمية خيالية، وإن التذ بإنفاقه في شهواته فهي لذة بهيمية، وأما لذة العلم فلذة عقلية روحانية، وهي تشبه لذة الملائكة وبهجتها، وفرق ما بين اللذتين.

20- عقلاء العالم مطبقون على ذم الشَّره في جمع المال والحرص عليه، وتنقصه والإزراء به، ومطبقون على تعظيم الشره في جمع العلم وتحصيله، ومدحه ومحبته، ورؤيته بعين الكمال.

21- عقلاء العالم مطبقون على تعظيم الزاهد في المال المعرض عن جمعه، الذي لا يلتفت إليه، ولا يجعل قلبه عبدًا له، ومطبقون على ذم الزاهد في العلم الذي لا يلتفت إليه ولا يحرص عليه.

22- المال إنما يمدح صاحبه بتخليه منه وإخراجه، والعلم إنما يمدح بتخليه به واتصافه به.

23- غنى المال مقرون بالخوف والحزن، فهو حزين قبل حصوله، خائف بعد حصوله، وكلما كان أكثر كان الخوف أقوى، وغنى العلم مقرون بالأمن والفرح والســـرور.

24- الغني بماله لا بد أن يفارقه غــــناه، ويتعذب ويتألم بمفارقته، والغني بالعلم لا يزول، ولا يتعذب صاحبه، ولا يتألم، فلذة الغنى بالمال لذة زائلة منقطعة، يعقبها الألم، ولذة الغنى بالعلم لذة باقية مستمرة، لا يلحقها ألم.

25- الغنى بالمال هو عين فقر النفس، والغنى بالعلم هو غناها الحقيقي، فغناها بعلمها هو الغنى، وغناها بمالها هو الفقر.

26- مَن قُدِّم وأكرم لماله، إذا زال ماله زال تقديمه وإكرامه.

كما قال بعضهم:

وكان بنو عمي يقولون مرحـبًا          فلما رأوني معسرًا مات مرحب

أما مَن قُدم وأكرم لعلمه، فإنه لا يزداد إلا تقديمًا وإكرامًا.

27- تقديم الرجل لماله هو عين ذمه، فإنه نداء عليه بنقصه، وأنه لولا ماله لكان مستحقًا للتأخر والإهانة، وأما تقديمه وإكرامه لعلمه فإنه عين كماله، إذ هو تقديم له بنفسه وبصفته القائمة به لا بأمر خارج عن ذاته.

28- طالب الكمال بغنى المال كالجامع بين الضدين؛ فهو طالبٌ ما لا سبيل له إليه؛ بخلاف طالب العلم.

29- اللذَّة الحاصلة من المال والغنى إنما هي حال تجدُّده فقط، وأما حال دوامه: فإما أن تذهبَ تلك اللذَّة، وإمَّا أن تنقُص، وهذا بخلاف غنيِّ العلم والإيمان؛ فإنَّ لذَّته في حال بقائه مثلها في حال تجدُّده، بل أزيد.

30- جمع المال مقرونٌ بثلاثة أنواعٍ من الآفات والمِحَن، وهي: نوع قبله، ونوع عند حصوله، ونوع بعد مفارقته.

فأما النوع الأول: فهو المشاقُ والأنكاد والآلام التي لا يحصل إلا بها.

وأما النوع الثاني: فمشقة حفظه وحراسته وتعلُّق القلب به.

وأما النوع الثالث: ما يحصل للعبد بعد مفارقته.

وغنى العلم والإيمان مع سلامته من هذه الآفات فهو كفيلٌ بكلِّ لذةٍ وفرحةٍ، وسرورٍ، ولكن لا يُنال إلا على جسر من التعب والصبر والمشقّة.

31- لذَّة الغنيِّ بالمال مقرونةٌ بخُلطة الناس، ولو لم يكن إلا خدمه، وأزواجه، وسراريه، وأتباعه؛ إذ لو انفرد الغنيُّ بماله وحده من غير أن يتعلَّق بأحدٍ من الناس لم يَكْمُل انتفاعه بماله، ولا التذاذه به، وهذه الآفات معدومة في الغنى بالعلم.

32- المال لا يُراد لذاته وعينه؛ فإنه لا يحصل بذاته شيءٌ من المنافع أصلاً؛ فإنه لا يُشْبِع ولا يُرْوي، ولا يُدْفئ ولا يُمْتِع، وإنما يراد لهذه الأشياء، ومعلومٌ أنَّ الغايات أشرف من الوسائل.

33- غنيَّ المال يبغض الموت ولقاء الله؛ فإنه لحبِّه ماله يكره مفارقته ويحب بقاءه ليتمتع به، وأمَّا العلم فإنه يحبِّب للعبد لقاء ربه، ويزهِّده في هذه الحياة النَّكِدة الفانية.

34- الأغنياء يموت ذكرهم بموتهم، والعلماء يموتون ويحيا ذكرهم، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر"، فخزان الأموال أحياء كأموات، والعلماء بعد موتهم أموات كأحياء.

35- القلب مَلِك البدن، والعلم زينته وعُدَّتُه، وماله، وبه قوام مُلْكه، والمَلِك لا بدَّ له من عددٍ وعُدَّةٍ ومالٍ وزينة؛ فالعلم هو مركبه وعدَّته وجماله، وأمَّا المال فغايته أن يكون زينةً وجمالًا للبدن إذا أنفقه في ذلك، فإذا خزنه ولم ينفقه، لم يكن زينة ولا جمالًا، بل نقصًا ووبالًا.

ومعلوم أنَّ زينة المَلِك وما به قِوام مُلْكه أجلُّ وأفضلُ من زينة رعيَّته وجمالهم، فقوام القلب بالعلم، كما أنَّ قِوام الجسد بالغذاء.

36- القدر المقصود من المال هو ما يكفي العبد ويُقِيمُه ويدفع ضرورته حتى يتمكَّن من قضاء جهازه، ومن التزوُّد لسفره إلى ربه -عز وجل-، فإذا زاد على ذلك شغله وقطعه عن السفر إلى ربه وعن قضاء جهازه.

وأمَّا العلم النافع، فكلَّما ازداد منه ازداد في تَعْبِية الزاد، وقضاء الجهاز، وإعداد عدَّة المسير، والله الموفق، وبه الاستعانة، ولا حول ولا قوة إلا به؛ فعدة هذا السفر هو العلم والعمل، وعدة الإقامة جمع الأموال والادخار، ومَن أراد شيئًا هيأ له عدته، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) (التوبة:46).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة