الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

البخاري وصحيحه الجامع (14) شبهات حول رجال البخاري

قد يكون الناقد ضعيفًا فلا يُقبل كلامه فيمن هو أوثق منه

البخاري وصحيحه الجامع (14) شبهات حول رجال البخاري
شحات رجب بقوش
الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠٢٠ - ٠٨:٤٩ ص
568

البخاري وصحيحه الجامع (14) شبهات حول رجال البخاري

كتبه/ شحات رجب بقوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن البخاري -رحمه الله- وسم كتابه باسم: "الجامع المسند الصحيح المختصر"، أي أنه شرط الصحة في النص، وبالتالي يجب أن يكون الراوي عدلًا ضابطًا، حتى يتم له شرطه في صحة الرواية، لكن الواقع يدل على عدم استطراد هذه القاعدة، ففي رجال البخاري بعض المطعون فيهم مِن الرواة، وقد اُنتقد على البخاري إيراده أحاديث هؤلاء الرجال المطعون فيهم.

ويرد على هذه الشبهة ردًّا إجماليًّا، وآخر تفصيليًّا.

أما الرد الإجمالي:

لا يُعاب على البخاري أنه أخرج لمن طُعن فيهم، فمما اتفق عليه بين علماء الحديث: "أنه ليس كل مَن وُثِّق قُبِل كل حديثه، وليس كل من ضُعِّف رُد كل حديثه".

فالأصل في الثقة قبول حديثه، لكن قد يرد حديث الثقة، إذا خالف مَن هم أوثق منه أو غيرها من القرائن، فيصبح الحديث شاذًا أو معلًا، وأيضًا: مَن حكم عليه بالضعف أو غيره من الجرح فحكم حديثه الرد، ولكن قد يقبل حديث الضعيف بالقرائن أيضًا، ومنها: إذا توبع فينظر في المتابعات والشواهد، قد يقبل حديث مَن يصلح حديثه للاعتبار.

ثم ليس كل مَن تُكلم فيه ثبت عليه الكلام، بل كثيرٌ ممن تكلم النقاد فيهم لم يثبت كلامهم، فقد يَرِد الخطأ عليهم، أو تدخل العصبية المذهبية، أو الانتصار للنفس على بعضهم، فقد يقول ناقدٌ ما عن راوٍ أنه ناصبي ويخرِّج له البخاري، وبتتبع الأمر نجد أن الناقد هو الذي فيه تشيع، وهكذا.

وفيما يلي أمثله لبعض مَن طعن فيهم مِن رجال الصحيح، وبسبر أحوالهم وجد أن الطعن غير ثابت منهم:

- باب المتفق والمفترق: قد يتفق اسما راويان ويكون أحدهما ضعيف، وروى البخاري عن الآخر وهو ثقة، فيتكلم ناقد عن الضعيف، فينصرف الذهن إلى الثقة؛ لأنه أشهر، فيقع الخلل عندئذٍ:

مثاله: أحمد بن بشير من شيوخ البخاري، وروى له في الصحيح، ووثقه يحيى بن معين، وأبو بكر بن أبي داود، بينما قال الدرامي فيه: "متروك"؛ فكيف أخرج البخاري مروياته في الصحيح؟ 

ويرد على ذلك الخطيب فيقول: ليس أحمد بن بشير الذي روى عن عطاء بن المبارك مولى عمرو بن حريث الكوفي؛ ذاك بغدادي، وأما أحمد بن بشير الكوفي، فليست حاله الترك، وإنما له أحاديث تفرد بروايتها، وقد كان موصوفًا بالصدق".

وقد يكون الناقد ضعيفًا فلا يُقبل كلامه فيمن هو أوثق منه:

مثاله: أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، قال فيه أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال ابن عدي: قَبِله أهل العراق ووثقوه، وروى له البخاري حديثًا؛ إلا أن أبا الفتح الأزدي قال: "منكر الحديث غير مرضي"، فقد يقال كيف أخرج له البخاري وهو كذلك؟

أجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر -كما في الفتح- فقال: "ولا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه هو ضعيف؛ فكيف يعتمد في تضعيف الثقات؟!".

وبعض مَن تُكلم فيهم مِن رواة البخاري ثبت خطأ الناقد، فقد أخرج البخاري حديثًا واحدًا عن بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وهو ثقة ذكره ابن حبان في "الثقات".

قال ابن حجر -رحمه الله-: "ثم غفل غفلة شديدة -أي ابن حبان- فذكره في الضعفاء، وروى عن البخاري أنه قال: "تركناه"، وهذا خطأ مِن ابن حبان نشأ عن حذف؛ وذلك أن البخاري إنما قال في "تاريخه": "تركناه حيًّا سنة اثنتي عشرة"، فسقط من نسخة ابن حبان لفظة: "حيًّا"؛ فتغير المعنى".

فهذه بعض أمثلة لمَن تُكلم فيهم بطعنٍ ولم يثبت هذا الطعن، ورُدَّ كلام قائله؛ إلا أن هناك قسمًا مِن المطعون فيهم مِن رواة الصحيح قد ثبت فيه الطعن؛ إلا أن البخاري قد اتبع في إخراج حديثهم ما يسميه المحدثون بـ"نظرية الانتقاء".

وهي موضوع مقال قادم -إن شاء الله-.  

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة