الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (49) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (1-6)

لقد كانت مسئولية التعليم في مصر حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي من الشئون الدينية

الفساد (49) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (1-6)
علاء بكر
الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٩:١٩ ص
484

الفساد (49) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (1-6)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فرغم أن مصر قد عَرَفَتْ نظام التعليم الحديث منذ أكثر مِن قرنين مِن الزمان، فإن العملية التعليمية في مصر اليوم تعاني من جوانب سلبية كثيرة وخطيرة هبطت بها إلى درجة سيئة للغاية تحتاج معها -وقبل فوات الأوان- إلى جهودٍ كبيرةٍ وجادة؛ لانتشالها من الحالة التي تردت إليها.

لقد كانت مسئولية التعليم في مصر حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي من الشئون الدينية من خلال الكتاتيب والمساجد والجامع الأزهر، ولم تتحمل الدولة مسئوليات التعليم إلا بعد تولي "محمد علي" ولاية مصر حيث اهتم بالتعليم من أجل تحقيق طموحاته وتأسيس دولته، فأدخل في مصر منذ عام 1820م نظامًا جديدًا للتعليم؛ حيث أنشأ العديد من المدارس الحديثة على الطريقة الأوروبية محدثًا نقلة علمية نوعية في المجالات العسكرية والزراعية والصناعية والطبية، ولكن مع انكسار طموحاته في التوسع بتوقيع معاهدة لندن 1841م تراجعت جهوده التي ابتدأها.

وقد استمر الحال على ذلك في عهد مَن جاء بعده مِن الأسرة العلوية باستثناء الخديوي إسماعيل، وكان هذا التعليم الحديث في تلك الفترة تتحمله الدولة، لكنه كان قاصرًا على قلة من الشراكسة والأعيان بينما استمر التعليم في الجامع الأزهر متاحًا للجميع.

وخلال الاحتلال البريطاني لمصر فرضت المصروفات على التعليم الحديث، والذي كانت غايته إعداد موظفين وكوادر لتسيير إدارة الحكم الإنجليزي للبلاد، وقد ظهرت إلى جانب هذا التعليم الرسمي الذي تتولاه سلطة الاحتلال مدارس للتعليم الخاص بجهود بعض فئات المجتمع التي آثرت أن يتعلم أطفالها تعليمًا عربيًّا إسلاميًّا، إلى جانب ظهور مدارس خاصة أجنبية فرنسية وإيطالية.

وبعد إعلان الملكية جاءت المادة (19) في دستور 1923م لتعلن الانطلاقة الأولى نحو التعليم الإلزامي للمصريين بنين وبنات بالمجان؛ فأصبح التعليم بمقتضى (قانون التعليم الإلزامي) إلزاميًّا مجانيًّا في المدارس الإلزامية التي بدأت الدولة في إنشائها، بينما ظل نظام التعليم الحديث (الابتدائي والتجهيزي والجامعي) بالمصروفات تؤمه أعداد محدودة من أبناء كبار الملاك الزراعيين، والتجار، وكبار موظفي الحكومة.

وفي عام 1944م أصدرت وزارة نجيب الهلالي الوفدية قانون مجانية التعليم الابتدائي في المدارس الحكومية في المدن مع بقاء التعليم الإلزامي في القرى.

وفي عام 1951م أصدر "طه حسين" -وكان وزيرًا للمعارف- قانون مجانية التعليم الثانوي.

وبعد ثورة يوليو 1952م جاء في دستور 1952م في المادة 48 أن التعليم حق للمصريين جميعًا تكفله الدولة بإنشاء مختلف أنواع المدارس، وفي المادة: 50 أن الدولة تتولى التعليم في مراحله المختلفة في مدارس الدولة بالمجان.

وفي عام 1961م أعلن عن مجانية التعليم العالي والجامعي كحق من حقوق المواطن في المجتمع الاشتراكي، وأكد دستور 25 مارس 1966م على مجانية التعليم الجامعي في المادة 39، فصار التعليم الحكومي في مختلف مراحله بالمجان إلى اليوم، وكانت الجامعة الأهلية التي تأسست عام 1908م قد تم ضمها لوزارة المعارف عام 1925م، وتم إنشاء ثلاث جامعات جديدة بعدها هي جامعة الإسكندرية وعين شمس وأسيوط، ولم تشهد مصر حتى عام 1987م أية جامعات خاصة أو أجنبية باستثناء الجامعة الأمريكية.

التعليم الخاص والأجنبي:

عرفت مصر التعليم الخاص منذ القرن التاسع عشر الميلادي، ولكنه كان تحت إشراف الدولة، وجاء ظهور التعليم الخاص لأسبابٍ مختلفةٍ: كإتاحة الفرصة لمَن لم تمكنهم ظروفهم من الالتحاق بالمدارس الحكومية، أو في إطار توجهات وطنية خلال الاحتلال البريطاني؛ هذا إلى جانب المدارس التي أنشأتها الهيئات الأجنبية وخصصتها لأبناء موظفيها في السلك الدبلوماسي، فالتحق بها بعض أبناء العائلات المصرية ذات الثروة والنفوذ، وهي مدارس خارج إشراف الحكومة.

وبعد قيام ثورة يوليو 1952م أخضعت الدولة إنشاء وإدارة المدارس الخاصة لقوانين خاصة بها كمنشأة غير حكومية تقوم بالتعليم والإعداد المهني والفني قبل المرحلة الجامعية، مع استبعاد دور الحضانة منها؛ إذ تشرف عليها وزارة الشئون الاجتماعية (وزارة التضامن الاجتماعي حاليًا).

كان الهدف من المدارس الخاصة المعاونة في مجال التعليم الأساسي والثانوي (العام والفني) وفق الخطط والمناهج المقررة في المدارس الرسمية المناظرة، ولكن فيما بعد سمح لتلك المدارس الخاصة بالتوسع في دراسة لغات أجنبية بجانب المناهج الدراسية المقررة، وقد كانت هذه المدارس الخاصة ملجأ للطلاب الذين لم تتح لهم فرصة استكمال التعليم في المدارس الحكومية؛ إما لرسوب متكرر، أو لارتفاع أعمارهم السنية، أو لعدم وجود مدارس حكومية قريبة من سكن البعض، وكانت مصروفات المدارس الخاصة تحدد بإشراف وزارة التعليم أو المحافظين، وكانت متواضعة لتواضع مبانيها ومعلميها وأنشطتها، ولم يكن الالتحاق بها رمزًا من رموز التمايز الطبقي في التعليم، بل كان الطلب أكثر على المدارس الحكومية لجودة التعليم فيها عن المدارس الخاصة.

وقد تقلصت المدارس الأجنبية بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م حيث وضعت المدارس الإنجليزية والفرنسية تحت الحراسة، وعهد بها إلى هيئة المعاهد القومية عام 1957م والتي تملكتها وأنشأت مدارسها التعاونية القومية في بعض المدارس الكبيرة، وقد تدنت مكانة الجامعة الأمريكية ولم يتم الاعتراف بشهادتها، فلم يبقَ من التعليم الأجنبي إلا بعض المدارس الإيطالية والألمانية واليونانية والمدارس الكاثوليكية التي يشرف عليها الفاتيكان.

وفي منتصف السبعينيات في عهد السادات جاء التوجه للاقتصاد الحر والانفتاح على العالم الخارجي فتغيرت معه أحوال التعليم الخاص والأجنبي حتى صار الحال على ما عليه اليوم، فمع صدور قانون حرية الاستثمار الخاص وتشجيع دخوله إلى مجال التعليم والتوسع في التعليم الخاص في مختلف مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي انتشرت المدارس والجامعات الخاصة والأجنبية، وتفاوتت مصروفاتها المدرسية والجامعية فبلغت أضعاف ما كانت عليه من قبل، فكان هذا التوسع في التعليم الخاص والأجنبي بمصروفاته الباهظة من علامات النمو والتشجيع للاستثمار الخاص في مجال التعليم.

وقد شاركت الدولة نفسها في الاهتمام باللغات الأجنبية كالمدارس الخاصة فأنشأت مدارس حكومية ذات طابع خاص (مدارس اللغات)، وجعلتها بمصروفات نظير الاهتمام باللغات الأجنبية وتدريس العلوم والرياضيات باللغة الأجنبية لتتنافس مع التعليم الخاص، كما بادرت بعض الجامعات الحكومية بإنشاء أقسام في بعض كلياتها للتدريس بلغة أجنبية في موضوع تخصصها نظير تحمل الطالب لمصروفاتها، إلى جانب دراسات التعليم المفتوح الملحق بالجامعات المصرية بالمصروفات، ثم كان التوسع في التصريح بإنشاء الجامعات الخاصة والأجنبية، وامتد هذا الاستثمار الخاص في الجامعات بعد صدور القانون 101 لسنة 1992 (راجع في ذلك: "المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين في القرن الحادي والعشرين"، د. حامد عمار ط. مكتبة الأسرة - الهيئة العامة للكتاب - ط. عام 2015م، ص: 69 - 74).

تعدد صور التعليم في مصر:

مِن ذلك يتضح أن في مصر صورًا متعددة للتعليم تمثِّل ازدواجية لها تداعياتها السلبية:

- فهناك التعليم الحكومي المجاني يتمثل في المدارس الحكومية المخصصة للتعليم الأساسي، والثانوي العام، والفني، وهي تابعة لوزارة التربية والتعليم، كما يتمثل في الجامعات ومعاهد التعليم العالي الحكومية المخصصة للتعليم الجامعي والعالي، وهي تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

- وهناك التعليم الخاص الموازي للتعليم الحكومي في مراحله الأساسية والثانوية والجامعية في مقابل مصروفات.

- وهناك التعليم الأزهري، وهو: تعليم ديني إسلامي تمتد جذوره لما يزيد عن ألف عام من خلال الجامع الأزهر، ثم مِن خلال جامعة الأزهر بعد ما طرأ على الأزهر من تطوير، بل وتحويله إلى مؤسسة تتبع مؤسسات الدولة.

- وهناك التعليم في المدارس الأجنبية بمناهجه الخاصة به.

هذا إلى جانب تعليم الصغار في دور الحضانة ورياض الأطفال، وهو تابع في الإشراف لوزارة التضامن الاجتماعي (وزارة الشئون الاجتماعية سابقًا).

لقد (تلاطمت حركة التعليم عبر تاريخ مصر مع تيارات الحكم الملكي، ومع الاحتلال البريطاني، ومع بدايات الحركة الوطنية والفكر الليبرالي، امتدادًا إلى طموحات الثورة وأجوائها الاشتراكية، وانتهت به تلك التيارات السياسية والمجتمعية إلى زعازع الانقلاب في الانفتاح الرأسمالي، وسيطرة رأس المال، والتسلط الحاكم في فترتي: السادات، وحسني مبارك) (راجع المصدر السابق، ص 313).

يقول د. حامد عمار: (والخلاصة في استعراضنا التاريخي الموجز لتطور كفالة الدولة للتعليم أو التعليم الخاص يتضح تأثير القوى المجتمعية والتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة فيما تجسد من مساحات للتعليم المجاني، والتعليم بمصروفات، ونمو الأخير من رياض الأطفال إلى الجامعات، وفيما تشير إليه قضية العدالة الاجتماعية في فرص التعليم وتفاوتها بين مختلف الشرائح الاجتماعية كمًّا ونوعًا، وتتأكد بذلك مقولة: إن التعليم عملية سياسية، كما أن السياسة عملية تعليمية) (المصدر السابق، ص 75).

ويقول: (قد ازدحمت خلال العقود الأربعة الماضية مفاهيم التعليم وفنون إصلاحه بأفكار جوفاء مزيفة من مفردات الإصلاح، وضمان الجودة، وإعادة الهيكلة، والكفاءة، والحوسبة، والشفافية، والتكنولوجيا، والملاءمة مع سوق العمل والتنافسية، والتخطيط الإستراتيجي واقتصاديات المعرفة والسلام العالمي، إلى غير ذلك من الأساليب والمناهج والسياسات والشعارات، وكثير منها معقولة، لكنها لم تلتحم مع التنفيذ الواقعي، وإنما كانت تستخدم لتزييف ما كان يجري من سياسات ومشروعات لم تحرك شيئًا في جسم التعليم الحكومي بمدارسه وجامعاته) (المصدر السابق، ص 22 - 23).

التعليم الجامعي في مصر:

أنشئت أول (جامعة أهلية) في مصر في عام 1908م، وقد شهدت مساهمة قيادات من الحركة الوطنية، مثل: مصطفى كامل، ومحمد فريد، والإمام محمد عبده، وسعد زغلول إلى جانب أمراء وباشوات، ورجال قانون، وأدباء مسلمين ونصارى، منهم: الأمير أحمد فؤاد والأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل من العائلة المالكة، وأحمد لطفي السيد، وحفني ناصف، وقاسم أمين، ومحمد عثمان أباظة، وأرتين باشا، ومرقص حنا، وغيرهم.

وقد نصت اللائحة الداخلية للجامعة على أنها تفتح أبوابها لكل المصريين بلا تمييز، وأنها علمية محضة بلا أية صفة سياسية أو دينية.

وقد تم الاتفاق بين مؤسسيها على أن تكون لغة التعليم في الجامعة اللغة العربية دون سواها، بل ورد في قانون إنشاء الجامعة أن على طلاب البعثات الذين ترسلهم الجامعة الأهلية إلى أوروبا لنيل التخصصات العلمية هناك أن يتولوا تدريسها باللغة العربية عند عودتهم لمصر، وقد قامت هذه الجامعة الأهلية بنقلة كبيرة في مؤسسات المعرفة والعلم في مصر في تلك الفترة من الاحتلال البريطاني.

وفي عام 1925 م تحولت الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية باسم: (الجامعة المصرية) تحت إشراف وزارة المعارف، ثم تغير اسمها إلى (جامعة الملك فؤاد الأول) بعد اعتلائه عرش المملكة.

وفي عام 1942م تم إنشاء جامعة فاروق الأول بالإسكندرية.

وفي عام 1951م تم إنشاء جامعة إبراهيم باشا الكبير في القاهرة، والإعداد لجامعة محمد علي في أسيوط. وقد تغيرت أسماء هذه الجامعات بعد ثورة يوليو إلى جامعة القاهرة والإسكندرية وعين شمس وأسيوط، (وهذا مِن المؤشرات التي تدل على العلاقة الوثيقة بين التعليم -حتى في مسميات مؤسساته- وبين نظام الحكم والسياسة!).

وقد كانت مصروفات الالتحاق بالجامعة إذ ذاك لا يَقْدر عليها إلا كبار الملاك، ورجال المال، وكبار الموظفين؛ إذ كانت ما بين 20 - 40 جنيهًا حسب نوع الكلية، في وقتٍ كان ثمن فدان الأرض الزراعية 40 جنيهًا.

وجاء جعل الثورة التعليم الجامعي مجانيًّا عام 1961م كعاملٍ مهمٍّ للتوسع في الالتحاق بالتعليم الجامعي، وزيادة أعداد الطلاب والطالبات الجامعيين، وفي الدراسات العليا والماجستير والدكتوراة، والزيادة الكبيرة في إرسال البعثات من أعضاء هيئة التدريس إلى الخارج في مختلف التخصصات العلمية.

ومع اتساع آفاق التعليم المجاني تم إنشاء وزارة للتعليم العالي عام 1961م تتولى مسئوليات التعليم العالي في الجامعات والمعاهد العليا بالقانون رقم: 49 لسنة 1963م، الذي أسند للوزارة إنشاء الكليات والمعاهد العليا الحكومية التي ضمت معظمها لتكون نواة لجامعة حلوان.

وتتبع هذه الوزارة الآن خمس كليات، ومعاهد علمية وتكنولوجية يُضاف إليها العديد من المعاهد الفنية المتوسط، والدراسة بها سنتان، منها: الصناعية، والتجارية، والسياحية والفندقية، والخدمة الاجتماعية، وترميم الآثار (راجع المصدر السابق، ص 97 - 99).

ومع ازدحام الجامعات الموجودة اضطرت وزارة التعليم العالي إلى تقسيم الجامعات الكبيرة المزدحمة إلى جامعات أصغر مستقلة، فانقسمت جامعة القاهرة إلى جامعة الفيوم وبني سويف، وجامعة الإسكندرية إلى جامعة دمنهور، وجامعة أسيوط إلى جامعة سوهاج وجنوب الوادي في قنا، وجامعة المنوفية إلى جامعة بنها، وجامعة طنطا إلى كفر الشيخ، إلى جانب جامعة قناة السويس، وجامعة المنصورة والزقازيق، ويتم التفكير حاليًا في إنشاء جامعة مرسى مطروح، وجامعة بورسعيد ليصبح في مصر 18 جامعة حكومية.

وعلى المستوى الجامعي: فهناك أيضًا أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، بفرعيها في بورسعيد ودكرنس، وهي تابعة لمجلس الوزراء.

وهناك المعهد القومي للإدارة العليا بفروعه.

وهناك ثلاثة معاهد تابعة لوزارة الثقافة، وهي: أكاديمية الفنون التي أنشئت عام 1959م، والمعهد العالي للفنون المسرحية، والمعهد العالي للباليه، والمعهد العالي للكونسرفاتوار، والمعهد العالي للفنون الشعبية، والمعهد العالي للنقد الفني، وتمنح هذه المعاهد درجة البكالوريوس، ودبلوم الدراسات العليا، ودرجة الدكتوراة في الفنون التعبيرية حسب تخصصها؛ هذا إلى جانب نظام الانتساب، والنظام الموجه المفتوح.

ومع إنشاء وزارة التعليم العالي وانتقال تبعية مراكز التدريب المهني إليها (بدلًا من وزارة التربية والتعليم)، تمت زيادة مدة الدراسة فيها إلى سنتين بدلًا من 9 أشهر، ثم تطويرها لتصبح أخيرًا باسم: (كليات تكنولوجية) متوسطة، تمنح شهادة دبلوم المعاهد الفتية، وقد بلغ عدد مؤسسات المعاهد الخاصة العليا في مصر 110 من المعاهد التكنولوجية العليا (المصدر السابق، ص 100 - 101).

المؤسسات التعليمية في مصر:

1- الأسرة (المعلم الأول):

(لقد تجمعت لدينا من مختلف العلوم الطبية والبيولوجية والسيكولوجية والأنثروبولوجية والسوسيولوجية، جملة من المعارف تؤكِّد أهمية مرحلة الطفولة بعامة، والمبكرة بخاصة، وتحطيم مفهوم الوراثة البيولوجية للأطفال؛ التي تعني أن منهم مَن يولدون أذكياء، ومَن يولدون أغبياء! وإنما هم جميعًا قابلون للتعلم بلا حدود طالما وُلدوا سليمي الحواس والأعضاء)، (وعلينا أن نوفِّر لهم البيئة الأسرية والتربوية التي تمكنهم من النمو والتفتح في تفاعلاتهم مع معطيات العالم الذي يعيشون فيه؛ هذه القناعة تفرض علينا أن نولي اهتمامًا خاصًّا للتربية الوالدية -آباء وأمهات- تمهيدًا واتساقًا مع ما ينبغي أن تنشده مؤسسات تعليم أبنائهم وبناتهم.

وتدخل مسئوليات التربية الوالدية في كل ما يرتبط بمجالات التعليم وتثقيف الكبار بدءًا مِن البرامج والندوات الثقافية، وفي برامج الخدمة الاجتماعية، ورعاية الشباب، والبرامج الإعلامية، ومجالس الأمناء، والآباء في المدارس الحكومية والخاصة، وفي برامج محو الأمية وتعليم الكبار) (المصدر السابق، ص 91 - 92).

2- مؤسسات رعاية الطفولة المبكرة:

وتتضمن:

أ- دور الحضانة: وتستقبل الأطفال من الشهور الأولى من العمر إلى السنة الرابعة، حيث (تلجأ إلى هذه الدور الأمهات العاملات اللاتي ليس لديهن من الأهل مَن يساعدهن -من الأم أو الأخت أو أي مِن الأقارب- وذلك بعد أن تنتهي إجازة الولادة التي تبلغ عادة 3 أشهر في الوظائف الحكومية)، فـ(تضطر الأم بعد انتهاء إجازة الولادة إلى إيداع طفلها فيما يسمَّى بدار الحضانة، وقد يكون ذلك بعد بلوغ الطفل الشهر الثالث من عمره. وتقبل الدار الأطفال حتى السنة الرابعة، حين يصبح الطفل مؤهلًا للالتحاق برياض الأطفال ما بين الرابعة ونهاية السنة الخامسة).

وتشرف على دور الحضانة في مصر وزارة التضامن الاجتماعي، ومنها ما يكون تابعًا للوزارة، ومنها ما تنشئه الجمعيات الأهلية، مما تتوافر فيه الشروط التربوية والصحية، والأدوات اللازمة والمقررة رسميًّا لهذه الدور، وتتولى القيام بتنظيم العمل والأنشطة الملائمة لهذه المرحلة: (معلمات) أو (موجهات) تم تدريبهن على مهمات الرعاية لهذه المرحلة من الطفولة.

ب- رياض الأطفال (الروضة): وهي بداية التعليم، والتعلم المنظَّم وفق احتياجات وخصائص النمو الجسمي والفكري والاجتماعي في هذه المرحلة العمرية، وتؤسس وتشرف على هذه الرياض: وزارة التربية والتعليم، ولها إدارة ضمن الإدارات المركزية في الوزارة، كما تتولى إنشاءها وإداراتها هيئات من الجمعيات الأهلية والأفراد وفق الشروط المحددة لتأسيسها، وإمكانات التعليم والتعلم فيها.

3- التعليم الأساسي:

ويتضمن التعليم الابتدائي والإعدادي، وقد بدأت الدولة بإنشاء المدارس الإلزامية المجانية والملزمة للدولة في كفالتها، وأولياء الأمور في إلحاق أبنائهم وبناتهم بها، ثم تطورت هذه المدارس لتصبح مدارس ابتدائية موحدة إلزامية، وتطورت معها مناهجها ومعلموها لتصبح مرحلة أساسية من مراحل التعليم لا تقتصر على مجرد تعليم القراءة والكتابة.

وقد تم زيادة مدة التعليم فيها من أربع سنوات إلى ست سنوات كحدٍّ أدنى ضروري لتحقيق أهدافها التعليمية والحياتية، وقد تعرضت في فترة من الفترات -عند اشتداد الضرورة المالية- إلى اختصارها إلى خمس سنوات، ثم أعيدت السنة المحذوفة بعد ذلك للوفاء بمتطلباتها، كما أضيفت إلى هذا التعليم الأساسي السنوات الثلاث من المرحلة الإعدادية، كمرحلة ضرورية لتكوين المقومات الأساسية للطفل في ظل تعقد وتنوع المطالب التعليمية، لتصبح المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية معًا قاعدة التعليم الأساسي الإلزامي لكل الأطفال مِن سن السادسة حتى الخامسة عشرة، يتم خلالها التعلم المنظم لمختلف المعارف العلمية واللغوية، والدراسات الاجتماعية، ومجالات الفنون والأنشطة الرياضية (راجع المصدر السابق، ص 94 - 95).

4- التعليم الثانوي:

وهي مرحلة دراسية تمتد من عمر الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة حيث يتم فيها توزيع الطلاب بين المدارس الثانوية العامة -للحاصلين على أعلى الدرجات في نهاية المرحلة الإعدادية- وبين المدارس الثانوية الفنية للحاصلين على الدرجات الأدنى، والتعليم الثانوي الحكومي بنوعيه: (عام وفني) بتعليم مجاني منذ عام 1951م؛ طبقًا لما قرره وزير المعارف وقتها -د. طه حسين- وأكدته وتبنته ثورة يوليو 1952 م.

ويشترك النوعان في مقررات معينة ويفترقان في المواد التخصصية، ويتم توزيع طلاب مدارس الثانوية العامة بعد نهاية السنة الأولى إلى التركيز على تخصصات معينة طبقًا لرغباتهم وطموحاتهم للالتحاق بكليات الجامعات أو معاهد التعليم العالي، ما بين التخصصات الأدبية أو العلمية بشقيها: (العلمي علوم) أو (العلمي رياضة)، وطبقًا لنتائج امتحانات نهاية الثانوية العامة يتم قبول الطلاب في الكليات الجامعية الحكومية أو المعاهد العليا الحكومية حسب موادهم التخصصية والدرجات التي حصلوا عليها فيها، ومَن لم يتح لهم الالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا الحكومية؛ فأمامهم فرص الالتحاق بالجامعات الخاصة أو المعاهد العليا والأكاديميات الخاصة.

أما طلاب مدارس الثانوية الفنية: فلهم بعد الانتهاء منها، الالتحاق بسوق العمل، وللمتفوقين منهم -إذا رغبوا- فرصة للدراسة بعد التخرج في المعاهد الفنية التكنولوجية، أو بعض الكليات الجامعية.

وقد صدر في عام 2009م قانون التعليم المفتوح الذي بمقتضاه يتمكن خريج الثانوية بفرعيه من الالتحاق بأي تخصص من تخصصات الجامعة المفتوحة بشروط معينة مع سداد التكلفة التعليمية، وقد أوقف العمل بالتعليم المفتوح مؤقتًا لحين وضع ضوابط جديدة لاستئنافه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة