الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أخلاق السلف -رضي الله عنهم- 13

الوصول إلى التقوى هو الغاية، كما أن العبادة هي الوظيفة

من أخلاق السلف -رضي الله عنهم- 13
أحمد فريد
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠٢٠ - ١٩:٣٨ م
547

من أخلاق السلف -رضي الله عنهم- 13

كتبه/ أحمد فريد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإنه ما مِن موسم مِن المواسم الفاضلة إلا ولله -تعالى- فيه وظيفة مِن وظائف طاعته يُتقرب بها إليه، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته يُصيب فيها مَن يشاء بفضله ورحمته عليه، فالسعيد مَن اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها مِن مولاه بما فيها مِن وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن من بعدها من النار وما فيها من اللفحات.

عن الحسن في قوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) (الفرقان:62)، قال: "مَن عجز بالليل كان له مِن أول النهاء مستعتب، ومَن عجز بالنهار كان له من الليل مستعتب".

فمن فضل الله -عز وجل- على العبد أن يوفق للمكان الشريف أو الزمان الشريف، ويُعان على طاعة الله -عز وجل-، فمن صلى صلاة واحدة بالمسجد الحرام أفضل من صلاته في مصره بما يعادل خمسة وخمسين سنة، ومَن قام ليلة القدر أو عمل فيها أعمالًا صالحة أفضل من صلاة أو عمل صالح في ثلاثة وثمانين سنة.

وقد خشي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا تدرك أمته مع قصر أعمارها ما أدركته الأمم السابقة بطول أعمارها، فقد مكث نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو إلى الله -عز وجل-، وأعمار أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في بعض الأحاديث ما بين الستين والسبعين.

وفي بعض الآثار: أن نوحًا -عليه السلام- مرَّ على امرأة تبكي فسألها عن سبب بكائها فقالت: "مات لي صبي صغير" فقال: "كم عمره؟"، قالت: "أربعمائة سنة" فقال: "سوف تأتي أمة أعمارها ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم مَن يجوز ذلك"، فقالت: " لو كنت من هذه الأمة لجعلتها سجدة!".

قال الإمام مالك -رحمه الله-: "بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُري أعمار الأمم قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر".

قال النخعي: " العمل فيها خير من العمل في ألف شهر

وقد روى بعض السلف: "أن ركعة في رمضان خير من ألف ركعة في غير رمضان، وتسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره".

فالعاقل هو الذي يعرف شرف الزمان، وشرف المكان، ويجتهد في طاعة الكريم الرحمن ليصل إلى أعلى درجات الجنان، والله المستعان.

فشهر رمضان من أعظم مواسم المغفرة والرحمة؛ ضيف كريم يطرق أبوابنا كل عام، فيملأ قلوبنا سرورًا وحبورًا، ويملأ مساجدنا نورًا وصلاة، ودعاءً وبكاءً، ويملأ بيوتنا رزقًا وخيرًا وبركة، فكيف لا يفرح المؤمن بقدومه، ويأسف على فراقه؟!

ويتمثل خير هذا الشهر في عدة معانٍ:

المعنى الأول: أن شهر رمضان فرصة لتكثير الحسنات؛ لكثرة العبادات التي شُرعت في هذا الشهر الكريم من صلاة، وتلاوة للقرآن، وصيام، واعتكاف، وزكاة.

المعنى الثاني: أن شهر رمضان فرصة لمغفرة الذنوب التي نرتكبها، وتثقل ظهورنا طوال العام، فتكثر في رمضان فرص المغفرة.

المعنى الثالث: شهر رمضان فرصة لنقلة نوعية من الإيمان إلى التقوى، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، والوصول إلى التقوى هو الغاية، كما أن العبادة هي الوظيفة، ففي أول أمر في القرآن قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21)، فبيَّن الوظيفة والغاية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة