الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

متاع الدنيا

الواجب على الشباب المسلم الحرص على اختيار المرأة الصالحة القانتة

متاع الدنيا
أحمد حسين
الخميس ١٨ مارس ٢٠٢١ - ١٧:٤١ م
317

متاع الدنيا

كتبه/ أحمد حسين  

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالحمد لله الذي خلق لنا مِن أنفسنا أزواجًا لنسكن إليها، وجعل بيننا مودة ورحمة، وصلى الله وسلم على خير الرجال وأشرفهم القائل -صلى الله عليه وسلم-: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) (رواه مسلم).

يُبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنا أن هذه الدنيا كلها متاع، وخير هذا المتاع الزوجة الصالحة، والذُّريَّة الصالحة كما قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) (الفرقان:74)، فجعل قرة العين في الدنيا في الزوج الصالح والذرية الصالحة.

وكثير مِن الشباب يبالغون في شروط اختيار الزوجة من حيث المواصفات الخَلْقية، ويتناسون أو يهملون الصفات الخُلُقية التي يجب توفُّرُها فيها.

والواجب على الشباب المسلم الحرص على اختيار المرأة الصالحة القانتة، الحافظة للغيب بما حفظ الله خصوصًا في هذا الزمان الممتلئ بالفتن، وليس معنى ذلك أن يهمل الجمال وباقي المتطلبات، بل لا بد أن تكون مقبولة لديه؛ لتتحقق الأُلفة والمتعة والمودَّة، ولتعفَّه عن المنكرات، ولكن الجمال المقبول بدون الصلاح والتقوى نقمة، وليس نعمة؛ قال الله -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء:34)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) (متفق عليه).

(فالمال والحسب والجمال والدين): أربعة أشياء يسعى إليها الرجل، ويطمع ويرغب ويسعى إلى الفوز بمَن تتوافر فيها واحدة منها أو أكثر.

- المال:

عندما يطلب الرجل المرأة مِن أجل مالها، قد تستشعر مِن البداية سوء نيته، وخبث طويته، والطمع فيها، وقد تشعر المرأة أنها سلعة، وقد لا يدري الخاطب عن تلك المرأة التي سعى إليها من أجل مالها أنه قد يكون من وراء ذلك المال طغيان في النفس، وتكبُّر وغرور، فالمال أحد الأشياء الأربع التي تُرغب الرجل في المرأة، وإن كان ينبغي أن يكون أقل ما يُنظر اليه ويُراعى في الأربع.

- الجمال:

وهو سر فتنة النساء للرجال، وهذه الفتنة من أشد الفتن ضررًا على الرجال، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ) (متفق عليه).

والجمال إذا انفصل عن الصلاح والتقوى سبَّب للزوج متاعبَ كثيرةً، ومشاكل عديدة، وحمَّله من الهمِّ والغيرة والشكِّ ما لا يطيقه، وكلَّفه من الصحة والإنفاق ما يجعله أسيرًا لهذا الجمال، وقد روي في الحديث الضعيف: "لا تزوَّجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأَمَة خرقاء سوداء ذات دين أفضل"، وهو وإن كان في سنده ضعف، لكنه حسن المعنى.

والجمال نسبي يختلف من شخص لشخص، ومن بلد لبلد، ومن عرق لعرق، وهذا من نعم الله على الناس؛ فلو كان معيار الجمال ثابتًا ما تزوج الزنوج من رجال ونساء؛ لذلك فالنظرة التي تولِّد الوفاق النفسي، وتلقي في القلب بذور الإعجاب والميل، هي المعتمد في قَبول المرأة.

والشرع قد أباح لك ذلك ويسره عليك بالرؤية الشرعية، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، فنصيحة: انظر بعينك أنت لا بعين غيرك؛ فلعل ما يرتضيه غيرك لا ترتضيه أنت، والعكس بالعكس، ونظرة الرجال للنساء تختلف قطعًا عن نظرة النساء للنساء، ولا تكتفِ بالجمال إذا انفصل عن الصلاح والالتزام.

ولقد رأينا مَن دفع ثمنًا باهظًا مِن الشباب كانوا أشدَّ الحرص في الفوز بالبنت الجميلة جدًّا، فكانت النتائج دوَّامات نفسية لا تنتهي، وكانت سببًا للشقاء بعد أن ألفت العين الجمال أو ذهب مع مرور الأيام، وأفسده الحمل والإنجاب، ومشاغل الزمان؛ فندم المسكين بعد أن فات ما فات، فالرجل البصير هو الذي يجمع عند النظر إلى مخطوبته رؤية شاملة لمستقبل هذه المرأة، وقدرتها على تربية الأولاد وصلاحهم، وقدرتها على مشاركته في تحقيق أهدافه وآماله وطموحاته في الحياة؛ لأنه يختار أُمًّا لأولاده، ونسبًا لهم، وأهم مِن ذلك كله أنه يدخل شريكًا جديدًا بين أسرته، ويختار جزءًا مكمِّلًا له، وزوجًا مشابهًا له؛ قال -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم:21).  

فإذا اجتمع كل هذا الخير مع الدِّين كان أكمل وأفضل.

ونصيحة لكل شاب قد أقدم على الزواج العمل بنصيحة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- إذ قال: "إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولًا، فإن حُمد سأل عن دينها، فإن حمد تزوج، وإن لم يحمد يكون ردها لأجل الدِّين، ولا يسأل أولًا عن الدين، فإن حُمد سأل عن الجمال، فإن لم يحمد ردَّها للجمال لا للدين!".

وإنما المذموم أن يسعى المرء في طلب الجمال وينسى الخُلُق والدِّين، وهما أساس السعادة والصلاح، والموفَّق مَن وفَّقه الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة