الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

كيف تحصِّل حلاوة ذكر الله -تعالى-؟

كيف تحصِّل حلاوة ذكر الله -تعالى-؟
محمد سرحان
الاثنين ١٠ مايو ٢٠٢١ - ١٢:٤٤ م
428

كيف تحصِّل حلاوة ذكر الله -تعالى-؟

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فذِكْرُ الله له معنيان: معنىً عام، والمقصود به: كل طاعة لله -تعالى-، ومعنىً خاص، وهو: المشهور عند الناس، وهو: التسبيح والتحميد، والتهليل والتكبير، وهو المراد في كلامنا هذا.

ولتحصيل لذة الذكر وحلاوته ثمان وسائل، وهي:

أولًا: معرفة المقصود من الذكر: وهو إجلال وتعظيم الله -تعالى-، وخشيته ومهابته، وقدرُهُ حق قدره، فيستحضر المرء أن يخرج بهذا التعظيم وهذه الخشية بعد الذكر، ولا ينسَ أثناء ذكره هذا المعنى ليحققه عند الذكر.

ثانيًا: أن يلحظ الذاكِر نعمةَ الله عليه؛ لنواله شرف ذكره، وكرامة ورود كلماته على خاطره، وجريانها في الجوارح مع ما هو فيه من معصية وتقصير، فشرف لك وأي شرف أن تذكر الكبير المتعال -سبحانه-.

ثالثًا: لزوم جناب الاحتشام والتأدب عند ذكر الله -تعالى-، باستحضار مراقبته واطلاعه، وكان بعض السلف إذا ذكر الله لم يمد رجليه، فإن العبد إذا استحضر ذلك امتلأ قلبه بالتعظيم والحياء، ولزم غاية الأدب الذي يؤثر في جميع جوارحه.

رابعًا: أن يستشعر ويستحضر معنى حديث: (أنَا مَع عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وتَحَرَّكَت بي شَفَتَاه) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وحديث: (وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني)، وهي معية خاصة يذوب القلب شوقًا إلى الله -تعالى- وحبًّا وتعظيمًا له عند استشعارها، فأنا العبد الضعيف الفقير المذنب الذي لا يؤبه له، يذكرني ربي ذو الجلال والإكرام .

خامسًا: حضور القلب أثناء الذكر، فلا ينشغل بغير الله، ولا يلتفت قلبه إلى أحدٍ سواه، فيكون بكيانه كله مع ما يقول، فحقيقة الذكر حضور المذكور في قلب الذاكر، ولا يكون ذاكرًا إلا بهذا.

سادسًا: أن يكون الذكر من الأذكار النبوية الواردة في السُّنَّة، وأن يتدبر ويتفهم معانيها، فيستحضر معنى ما يذكره، ويتدبر في كل كلمة من كلمات الذكر، فهذا من أعظم أبواب حضور القلب والانتفاع بالذكر، وخاصة وهي من المعاني الراقية الرفيعة التي صيغت في حنايا سيد الذاكرين -صلى الله عليه وسلم-، فإذا قال: "سبحان الله"، فمعناها: أنزهك ربي عن كل نقص، وأصفك بكل كمال، فيستحضر معنى التنزيه والتقديس والتعظيم، وكمال صفاته -تعالى-؛ فهو الحكيم في خلقه وشرعه وقَدَره، فلا نقص ولا عيب في خلقه أو شرعه، أو قدره أو تدبيره لملكه.

وإذا قال: "الحمد لله": أقرَّ بحمده على كل ما أصابه من خير أو بلاء، وعلم أن في كل خير، إن صبر وشكر، وأن له الحمد على البلاء، فأنا أقل بلاء من غيري، وقد يكون تكفيرًا لبعض ذنوبي، أو رفعًا لدرجاتي، والحمد لله على ما وفقني في البلاء من دعائه وذكره والتضرع إليه، وما خلق لي فيه من العبادات، والحمد لله على نعم تفضل بها عليَّ ابتداء من غير طلب، نعمة ورحمة منه -سبحانه-، والحمد لله على نعم لا تعد ولا تحصى في نفسي وبدني وأهلي، وولدي ومالي، والكون من حولي، فله الحمد كله وله الشكر كله -سبحانه وبحمده-، وهكذا في كل ذكر ينطق به لسانه.

سابعًا: يفضَّل أن يكون الذكر في الخلوات عنه في الجلوات، أي: على مشهد من الناس، قال في السبعة الذين سيظلهم الله في ظله: (وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه)، وإن كان في المسجد أو أمام الناس، فليفرِّغ قلبه من الناس، ويقبل على ربه ويخلص له سبحانه، ويعيش مع الذكر بعيدًا عن الخلق.

ثامنًا: عدم اليأس من تأخر الفتح، فمَن أدمن قرع الباب يوشك أن يؤذن له، وملازمة الإلحاح والوقوف بالباب مع الإطراق بانكسار وخضوع علامة التوفيق والقبول، تأمل قوله -تعالى-: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة:118)، فقد لا يواتيك قلبك في البداية أو أحيانًا فلا تيأس وداوم.

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على عبدك ونبيك محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً